مائدة مستديرة: “ماذا بعد جلسات الإستماع العلنية..؟”

تفاعلا مع العرض الأول لجلسات الاستماع العلنية يومي 12 و 13 نوفمبر 2016 الذي توج مرحلة إيداع ملفات الضحايا ودراستها، نظمت جمعية تونسيات يوم السبت 26 نوفمبر2016 مائدة مستديرة تحت عنوان “ماذا بعد جلسات الاستماع العلنية..؟ وذلك بحضور مجموعة من الشخصيات البارزة التي قامت بتأثيث هذه المائدة على غرار الأستاذة “سلوى القنطري” مديرة المركز الدولي للعدالة الانتقالية و ممثلة عن شبكة العدالة الانتقالية للنساء أيضا، والسيدة سعاد الهاني اخصائية نفسية إكلينيكية و السيد محمد بن مبارك اخصائي نفساني عن هيئة الحقيقة والكرامة إلى جانب عدد من نشطاء المجتمع المدني في مجال العدالة الانتقالية.

في المداخلة الأولى تناولت السيدة هند البوزيري دور المجتمع المدني في مسار العدالة الانتقالية حيث أكدت على أن الهدف من هذه التظاهرة  هو الرصد والاستماع إلى ردود أفعال المجتمع المدني قصد صياغة عدد من  التوصيات التي ستوجه إلى الهيئة من أجل جلسات علنيّة أكثر فاعلية وأكثر نجاعة تستجيب لإنتظارات الضحايا، وكذلك  لمعرفة  اتجاه مسار العدالة الانتقالية  ومدى نجاحنا في تحقيق أهدافه  والتطرق الى كل محاوره . فمجال الإصلاح المؤسساتي مثلا يُعد من أبرز استحقاقات مسار العدالة الانتقالية وموضوعا شاغلا لكل الضحايا خاصة منهن النساء اللاتي عانين من العنف المؤسساتي وكذلك المجتمع المدني النسائي. ونحن كجمعية نسائية لاحظنا غياب هذا المحور ونتسأل عن الآليات والإجراءات التي يجب أن توجد لإصلاح المؤسسات ولضمان عدم تكرار هذه الانتهاكات.

وأكدت على أن “منتدى الخميس” الذي سيعقد الأسبوع القادم والذي سيضم عددا هاما من ممثلي المجتمع المدني وأعضاء عن هيئة الحقيقة والكرامة، فرصة هامة لتبليغ هذه التوصيات والمقترحات ومضمون هذه الجلسة لهيئة الحقيقة والكرامة خاصة وأننا في فترة تشريعية هامة إضافة إلى أننا سوف ندخل في تقنيات المناصرة.

مداخلة السيدة سلوى القنطري (مديرة المركز الدولي للعدالة الانتقالية بتونس): بعد الشكر والترحيب أكدت السيدة سلوى على أن هذه الجلسات تُعد حدثا تاريخيا هاما بالنسبة لتونس كبلد وبالنسبة للضحايا لأنه يمثل حجر الزاوية للانتقال الديمقراطي، وأن دور المجتمع المدني سيتواصل حتى بعد انتهاء عمل الهيئة وذلك للدور الكبير الذي لعبه في إرساء مسار العدالة الانتقالية، وستُناط بعهدته مرافقة الضحايا والسهر على حسن تنفيذ توصيات الهيئة كقوة ضغط واقتراح ومراقبة.

 

وقد ذكرت السيدة سلوى القنطري أنه تم التعاون والتنسيق بين المركز الدولي للعدالة الانتقالية وهيئة الحقيقة  والكرامة  منذ شهر جوان 2016 في ما يتعلق بضبط معايير اختيار الشهادات والضحايا والتي تمثلت في: معيار الانتهاك ومعيار النوع الاجتماعي والمعيار الجغرافي والمعيار التاريخي. وأن الشهادات التي تم عرضها في جلسات الاستماع قد وقع التحري والتقصي في شأنها وأغلقت ملفاتها كما أن المركز وضع كل خبرته التقنية وما واكبه من تجارب سابقة على ذمة الهيئة خاصة وأنه يحتفل هذه السنة بعيد  ميلاده الخامس عشر.

كما أكدت على أهمية هذه الجلسات وما مثلته من رجة للمجتمع التونسي بعرضها أمثلة حية كشفت حقيقة ما حصل من انتهاكات وواجهت جهل وإنكار البعض مما سيساهم في إرساء ثقافة عدم تبرير العنف خاصة وأننا جميعا معرضون لمثل هذه الانتهاكات في صورة اختيارنا لخط يتعارض مع  سياسة الدولة،  وأن أهم هدف في مسار العدالة انتقالية هو القضاء على السلبية والتفاعل مع ضحايا الانتهاكات. فالجلسات الأولى كانت جيدة لكن هذا لا يمنع من إبداء عدد من الملاحظات قصد تحسين أداء الهيئة  وتوضيح المخرجات، خاصة وأن الضحايا قدموا طلبات متعلقة أساسا بالإصلاح المؤسساتي وتكلموا بصورة واضحة وصريحة عن منظومة الفساد والتجاوزات في كل من جهاز الأمن وجهاز القضاء وجهاز الإعلام وعند الأطباء  وكل الضحايا تحدثوا عن هذه الأجهزة الأربعة، كما لاحظنا وجود نقاط مشتركة  اخرى وردت في شهاداتهم تتمثل في كيفية تعاطي المجتمع مع “الضحية” المعارضة.

ووضحت السيدة سلوى القنطري أنه في ما يتعلق بمعيار الانتهاك فقد حرصت الهيئة على البحث والتقصي والتأكد من مصداقية كل المعطيات  لتجنب التشكيك في شهادات الضحايا وإحراجهم أو المس من سلامة المسار.

أما بالنسبة للمعيار الجغرافي فيجب أن تكون هناك هيئات تمثيلية عن هيئة الحقيقة والكرامة في كل الجهات المعنية أو المهمشة حتى تتمكن من عقد جلسات استماع علنيّة بها، لما لذلك من رمزية ورد اعتبار للجهة نفسها وللضحايا وذلك من خلال التنقل إليهم وسماعهم في جهاتهم بدل جلبهم إلى العاصمة.

بخصوص معيار النوع الاجتماعي فقد لاحظنا أن هناك توازن بين الشهادات النسائية والرجالية من حيث العدد كما لاحظنا أن هذه الشهادات تعكس ما تعرضت له المرأة التونسية سواء كضحية مباشرة أوغير مباشرة من انتهاكات في فترة الديكتاتورية ونطمح في الجلسات القادمة أن يكون هناك تنوع في الانتهاكات التي مسّت النساء من كل الاصناف والانتماءات في تونس.

هذا وقد حرص المركز الدولي للعدالة الانتقالية على تقييم  أول جلسة استماع علنية وتقدمت للهيئة بمجموعة من الملاحظات والتوصيات التي تجاوبت معها بإيجابية واعتمدتها في جلسة الاستماع الموالية والتي تعلقت خاصة  بتوزيع الكلمة بين الأعضاء عند تقديم الضحايا وضرورة توضيح السياق الذي مورست اثناءه الانتهاكات  والتأكيد على الحقبة التاريخية  ومزيد التعريف بالضحايا عند تقديمهم قصد توضيح الرؤية لدى المتلقي.

 

هذا وأكدت السيدة سلوى على مدى أهمية مثل هذه اللقاءات التي تعقب جلسات الاستماع لأنها بمثابة رجع الصدى وتسلط الضوء على  تفاعل الضحايا والمجتمع المدني مع الشهادات المقدمة وانتظاراتهم من الجلسات القادمة مما يساهم في تحسين الأداء ويضمن تحقيق أهداف مسار العدالة الانتقالية، كما يساهم في بلورة  تقرير ختامي يتضمن توصيات جادة وفعالة وقابلة للتنفيذ من قبل السلطة التنفيذية وتستجيب للانتظارات، وكذلك ما من شأنه أن يدفع الهيئة لتدارك عدد من النقائص مثل التفاوت في تقدم  العمل بين اللجان، فمثلا قطعت لجنة جبر الضرر أشواطا في عملها في حين أن العمل يسير ببطء بلجنة اصلاح المؤسسات بينما يأمل عدد كبير من الضحايا النساء في أن يتضمن مشروع القانون المتعلق بالعنف ضد المرأة  إجراءات تأخذ بعين الاعتبار ما تعرضن له من عنف مؤسساتي من قبل أجهزة الدولة، خاصة وأن هذا العنف قد غاب تماما في الفصول المقترحة بهذا المشروع. كذلك سجلنا بارتياح طريقة تعامل الهيئة مع من أدلوا بشهاداتهم وما وفرته لهم من إحاطة نفسية ومرافقة قبل وأثناء وبعد الإدلاء بشهاداتهم واحترامها  للجانب الإنساني وعدم معاملتهم كنماذج أو حالات تدلي بالوقائع فقط.

أما في ما يتعلق بالتغطية الإعلامية فقد لاحظنا تطورا إيجابيا وتجاوبا مع ما قامت به الهيئة والمركز من تدريبات لعدد من الاعلاميين بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والجلسات التي قامت بها مع رؤسائهم وعدد من النقابات. وقد تم نقل الجلسات بمهنية ولم نسجل تجاوزات للميثاق الاتصالي الذي تم توقيعه مع هيئة الحقيقة والكرامة إضافة إلى الخطوة الهامة التي قامت بها الإذاعة الوطنية والمتمثلة في توفير ملف متاح للجميع يحتوي الخط التحريري وطريقة التعاطي مع جلسات الاستماع العلنيّة وهذا أمر هام جدا من قبل مرفق عمومي ويجب تثمينه وتطويره أكثر. كذلك لابد من تقوية الحوارات في وسائل الإعلام حول مضمون جلسات الاستماع العلنيّة وما ورد بها من حقائق وأفكار وإشكاليات مثل مسألة عدم الافلات من العقاب وتفكيك منظومة الاستبداد.

وفي ختام كلمتها ذكرت السيدة سلوى بأن جلسات الاستماع مرت على أحسن ما يرام وأتت أكلها وقدمت كذلك الدرس الذي رغبنا جميعا في أن يُمرر من خلالها وهو مدى أهمية مسار العدالة الانتقالية في تحقيق الانتقال الديمقراطي  بما يقدمه للضحايا من جهة ولتونس عموما محليا وإقليميا، فيساهم في د فع الاستثمار وإعطاء صورة مشرقة عما يتحقق في تونس الديمقراطية وهو ما يطمئن المستثمرين الذين كانوا في السابق عرضة للابتزاز والانتهاكات. والدرس الثاني هو أن المسار يسيرعلى الوجه المطلوب عكس ما يروج له من عدالة انتقامية وليس أبلغ من كلام الضحايا في الجلسات والذي مثل صورة حقيقية لمدى وعيهم بأهمية المسار وأهدافه.

تمحورت مداخلة السيدة سعاد الهاني المختصة النفسية الاكلينيكية في تقديم دراسة تحليلية ديناميكية لجلسات العلاج وأكدت أن المادة الخصبة والمكثفة المقدمة في هذه الشهادات تسيل الكثير من الحبر وتصلح لتقديم أكثر من مداخلة وأنها ستتعرض في هذه المداخلة لعدد من الاستنتاجات المهمة لمزيد توضيح الصورة والتأكيد على أهمية هذه الجلسات من الناحية النفسية العلاجية والاجتماعية.

 

هذه الجلسات قدمت لنا نماذج متعددة من الضحايا، من حيث نوع الانتهاك والسن والجنس والجهة والحقبة التاريخية وأسباب التعرض للانتهاكات، إلا انها تتشابه وتتشارك في العديد من النقاط. ثانيا تكشف شهادات الضحايا أن آلة التعذيب لجأت إلى جميع أنواع الانتهاكات وإلى أقذر أساليب التعذيب التي تمارسها الأنظمة الاستبدادية وبما فيها التعذيب الجسدي العنيف والتعذيب من خلال الاجهاد ومن خلال التحكم باحتياجات الجسد والتحقير المعنوي الرمزي. ثالثا منظومة التعذيب في العهد النوفمبري اختلفت عن سابقتها حيث تم إعداد وتدريب جيل جديد من الجلادين تم تسليحه بآخر ما توصل له التقدم العلمي من تقنيات وأساليب وتم اختياره وفق مقاييس محددة حتى يؤدي دوره بحرفية وكفاءة عالية كما تمت الاستعانة بمختصين في علوم الطب والنفس والاجتماع والقانون وغيرهم من الخبراء وأصبح التعذيب هو المجال الأكثر حداثة الذي حققت فيه منظومة الاستبداد تطورا كبيرا.

هذه الجلسات مثلت فضاء للتصريح والبوح بالمسكوت عنه ونعتقد أنه ستكون لهذه الشهادات تأثير علاجي فعال ليس على الضحايا الذين أدلوا بشهاداتهم فقط بل وحتى على الضحايا اللذين استمعوا إلى هذه الشهادات لأن القناع سقط في تلك اللحظة الفارقة وتحرر المسجون من ذلك السجن الذي ظل يحمله معه وواجه الجميع بالحقائق التي ظلت مخفية لسنوات كما حررت هذه الجلسات المكبوت الذاتي والجماعي، وفرجت كربا حمله الضحايا والمحيطون بهم وحتى جلاديهم.

هذه الجلسات في حد ذاتها مثلت شكلا من أشكال رد الاعتبار، حيث أن هناك الكثير من الناس كانوا يمثلون رمزا للشر ووصمة عار ‘إنت خوانجي’ ‘إنت معارض’ ‘إنت نقابي’ فتغير تعامل المجتمع والدولة معهم وأصبحوا يُعاملون كمواطنين مثل غيرهم بل كمناضلين وقفوا أمام المارد بشجاعة حيث مثلت الجلسات نوعا من التقدير والاعتراف مما يغير نظرة الضحايا لذواتهم لأن الإنسان محتاج لتقبل الآخرين واعترافهم به وتقديرهم له كي يقبل ذاته ويقدرها وإلا فلا معنى لوجوده وهذه خطوة مهمة نحو العلاج وتجاوز أعراض ما بعد الصدمة والهيئة الآن مطالبة بمواصلة ما تقوم به من جهد يتعلق بالإحاطة النفسية والمرافقة و تؤتي هذه الجلسات أكلها وتحقق أهدافها من الناحية العلاجية خاصة بالتركيز على الجانب النضالي في مسيرة الضحايا بنفس قدر التركيز على الجانب الإنساني لهم حتى يرد اعتبارهم كاملا.

بعد ذلك أعطيت الكلمة للحاضرين من الضيوف لتلقي أسئلتهم والاستماع لآرائهم ومشاغلهم ، وقد كانت البداية مع الكتور أحمد العش رئيس الجمعية التونسية لرعاية ضحايا العنف والصدمات الذي أكد على أهمية العدالة الانتقالية واعتبر جلسات الاستماع العلنية علامة نجاح مسار العدالة الانتقالية رغم ما تعرض له من أزمات كما لفت النظر إلى نقطة توارث الصدمات عبر الأجيال وإلى ضرورة الاعتناء بالجلاد ين لأنهم بدورهم كانوا ضحايا تعرضوا إلى صدمات ويجب اخضاعهم للعلاج بعد المحاسبة وأنه لا بد من مراجعة المنظومة السجنية حتى تصبح مؤسسة إصلاح لا تدمير.

أشارالدكتورمحمد كمال الغربي رئيس شبكة تونس للعدالة الانتقالية في مداخلته إلى أن مسار العدالة الانتقالية مرهون أساسا بنوعين هامين من الضحايا وهم: النساء و شهداء وجرحى الثورة وأن هؤلاء بالدرجة الأولى هم مقياس نجاح التجربة التونسية الأولى في العدالة الانتقالية. كما عبر عن أسفه لعدم حضور ممثلين عن هيئة الحقيقة والكرامة حتى تتاح للجميع فرصة لتبليغ أفكارهم وأرائهم وتوصياتهم إلى الهيئة مباشرة.

 

أشار الدكتور كمال إلى أن هذه الجلسات أداة لكشف الحقيقة وإظهارها وهناك استتباعات بعد الجلسات العلنية التي وقعت في عدة تجارب وأخرها في التجربة المغربية والتي كان لها نفس الصدى نفسيا واجتماعيا، وأننا عندما نحقق هذا المسار سنضمن فعليا عدم تكرار هذه الجرائم في تونس وهذه هي غاية العدالة الانتقالية.

كما بيّن أن هذه الشهادات تحتوي على جزئين: جزء قائم على الضحية وجزء قائم على الجلاد المباشر والغير مباشر والذي يسمى بسلسلة القيادة وهذا ما لايمكن التعرف عليه من خلال الضحية فقط وإنما من خلال البحث والتقصي. وأكد كذلك على ضرورة إمضاء ميثاق بين الهيئة والمجتمع المدني يتضمن حقوق وواجبات الطرفين وينص على ضرورة تشريك المجتمع المدني من قبل الهيئة في هذا المسار. بالنسبة لنقطة الإصلاح المؤسساتي والفحص الوظيفي فقد بيّن الأستاذ بأنها مشمولة بواجبات الهيئة واقترح بأن يكون المجتمع المدني من ضمن العناصر الموجودة في هذه اللجنة ودعى إلى ضرورة تشريك المجتمع المدني في إرسائها.

بيّن الأستاذ محمد الصفراوي في مداخلته أن جلسات الاستماع تُعتبر محورا من محاور العدالة الانتقالية لكن كان هناك فشل نسبي في المسائل الأخرى ونذكر منها المصالحة الاقتصادية. فجلسات الاستماع مثلت أيضا مناسبة هامة لدفع الناس لمراجعة حساباتهم وجعلهم يؤمنون بأن العدالة الانتقالية هي بالفعل إحدى الوسائل التي ستمكننا من الانتقال الديمقراطي الفعلي لكن جلسات الاستماع وحدها لا تكفي و يجب أن نتناول المحاور الأخرى للعدالة الانتقالية، وأن هذا الانتقال الديمقراطي في حد ذاته يستوجب تكاتف الجهود بين الحكومة والهيئة والمجتمع المدني.

في مداخلة ثانية للسيدة هند البوزيري والتي أبدت فيها ملاحظة بخصوص اليوسفيين واللذين بقيت قلة قليلة منهم على قيد الحياة، فقد لاحظت بأن شهاداتهم تم تقديمها في ساعة متأخرة جدا في جلسات الاستماع العلنية في حين أن شهاداتهم في غاية الأهمية وتمثل ستون سنة من تاريخ تونس والذي سوف تعاد كتابته من جديد ولذلك وجب الأخذ بعين الاعتبار أعمارهم والتركيز على أهميتهم في هذا المسار.

بالنسبة لمداخلات الضحايا فقد ركزت معظمها على عدم رضا الضحايا على الظروف التي تمت فيها الجلسات الأولى في هيئة الحقيقة والكرامة مثل ضيق الغرفة التي وقع فيها الاستماع للضحايا وحضور ثلاثة أطراف بها  والذي ذكّرهم بظروف التحقيق في عهد بن علي، كذلك الكتابة على الحاسوب التي ذكرتهم بالآلة الراقنة في التحقيق فعبروا بأنهم خلال هذه الجلسات عاشوا تقريبا نفس المعاناة النفسية التي عاشوها في العهد الفارط كما أكدوا غياب أي عناية نفسية بالضحايا من قبل الهيئة عكس مايروج له.

أكد الضحايا أيضا على ضرورة التسريع بتفعيل بقية مسارات العدالة الانتقالية لأن صبرهم قد نفذ ولايستطيعون انتظار انتهاء الهيئة من 65 ألف ملف أخر ولابد من انطلاق جبر الضرر مع ضرورة تمرير الملفات المنتهية منها إلى الدوائر المختصة كما بينوا أن غايتهم الأساسية ليست الانتقام وإنما المحاسبة لضمان عدم تكرار هذه الانتهاكات مستقبلا.

 

بيّن الدكتور محمد بن مبارك المختص النفسي في هيئة الحقيقة والكرامة أن ملف الإحاطة النفسية متعهد به جملة من الاخصائيين النفسيين في هيئة الحقيقة والكرامة و وفقا لهذه الملاحظات سوف نتفاعل ونحاول تدارك هذه النقائص، كما بيّن أن النقد البناء يتيح الفرصة للهيئة بأن تتقدم وتحسن أدائها وكتوصية فقد أكد على ضرورة ضغط المجتمع المدني على السلطة التنفيذية لكي تمد يد المساعدة إلى الهيئة.

وقد تمثلت جلُ المداخلات وعلى أهميتها في تقييم وإبداء الرأي في جلسات الاستماع وأداء هيئة الحقيقة والكرامة وتضمنت التوصيات التالية:

  • ضرورة الإحاطة النفسية الفعلية بالضحايا إضافة إلى تغيير الأسلوب المعتمد من قبل الهيئة في الاستماع.
  • التأهيل والمرافقة للضحايا خاصة منهم النساء اللذين تم الاستماع لهن في الجلسات السرية.
  • تحويل الملفات التي تم الانتهاء منها مباشرة إلى النيابة العمومية و التي تحولها بدورها إلى الدوائر المختصة.
  • التوجه للمؤسسات الاعلامية ومطالبتها بالقيام بنقاشات تلفزية حول مضمون الجلسات بطريقة علمية إعلامية متكاملة.
  • يجب إنشاء مرصد عدالة انتقالية للتعاطي الإعلامي مع جلسات الاستماع.
  • إعادة بث الجلسات باعتبارها حدث تاريخي هام.
  • النظر في توقيت الجلسات وضرورة مراجعة الوقت المرصود لكل شهادة.
  • يجب الأخذ بعين الاعتبار شهدات اليوسفيين وأعمارهم والتركيز على أهميتهم في هذا المسار.
  • معايير اختيار شهادات النساء في الجلسات العلنيّة: التأكيد على خصوصية الانتهاكات الخاصة بالمرأة: المراقبة الإدارية منشور 108، العقم القصري…
  • الانصات للنساء الضحايا من قبل مختصات نساء وذلك لأن معظمهم ربطن صورة المختص النفسي الرجل بالعنف الذي كان مسلط عليهم من قبل رجال في التحقيق.
  • تعويض كتابة الشهادات على الحاسوب بالكتابة اليدوية لأنها تذكر الضحايا بأسلوب التحقيق في فترة الديكتاتورية.
  • هناك من الضحايا من أدلى بشهادته ثم تُوفيَ، المطلوب عرض بعض المقتطفات من شهادته علنيا بحضور أحد أفراد عائلته.
  • حسن اختيار الشهادات التي ستمرر على أن لا تكون متقاربة من حيث الأسماء والألقاب.
  • ضرورة الاستماع إلى شهادات الجلادين.
  • جلسات الاستماع العلنية يجب أن تكون مؤطرة.
  • تقديم الهيئة للإجراءات التي قامت بها لتتحقق من كلام الضحية.
  • ضرورة تشريك المجتمع المدني في لجنة الإصلاح المؤسساتي والفحص الوظيفي.
  • انطلاق جبر الضرر مباشرة بعد جلسة الاستماع وإحالة الملفات.

جبرالضرر: أهمية اشراك المرفق العمومي في التأهيل وإعادة الاعتبار.

 

توصيات عامة:

  • إدراج يوم 17 ديسمبر كيوم وطني لكشف الحقيقة ويقع الاحتفال به في كل سنة.
  • تحويل السجن المدني إلى متحف للذاكرة الوطنية وإنشاء بجانبه مركزا للتأهيل الطبي والنفسي للضحايا وبمختلف أنواعهم.
  • ضرورة إصلاح المؤسسة السجنية.
  • القيام بندوات قطاعية فيما يتعلق بالإصلاح المؤسساتي.
  • إدماج العنف المؤسساتي في مشروع قانون مناهضة العنف ضد المرأة.
  • إصدار قانون من قبل مجلس الشعب يجرم شيطنة الضحايا.
  • كل من ثبت تورطه في الانتهاكات يجب عزله من مهامه.
  • إعداد كتب مدرسية تُدرجُ فيها المظلمة التي وقعت على هؤلاء المناضلين وتخلد ذكراهم.

 

وفي الختام توجهت السيدة سلوى القنطري بشكر جميع الحاضرين على تعليقاتهم وأرائهم وركزت على أهمية هذه اللقاءات لما تقدمه من مقترحات وتوصيات من شأنها تعديل وإنجاح مسار عمل الهيئة ومسار العدالة الانتقالية، كما تولت الإجابة على أسئلة الحضوروبينت أنه وإن كانت جلسات الاستماع ستستمر لمدة سنة فإنها ستستمر بالتوازي مع بقية المسارات دون تفضيل مسار عن غيره.

 

  • العنوان نزل تونيزيا بلاص تونس
  • التاريخ 26 نوفمبر 2016
  • المشرف جمعية تونسيات
  • CATEGORY