دورة تدريب المدربين “صياغة ورقات السياسات العامة”

نظمت جمعية تونسيات دورة تدريب مدربيين حول كيفية إعداد وصياغة ورقات السياسات العامة أطرتها المدربة الدولية و الاخصائية في مجال التدريب على الحوار و التواصل و مؤسسة و رئيسة مركز الشراكة للتنمية الديمقراطية الدكتورة لينا علم الدين و أشرفت عليها السيدة منية مزيد نائبة رئيسة جمعية تونسيات،  حيث تم تحديد الهدف التدريبي من الدورة وحددت معه جذاذة مواقيت الحصص وعناوينها  وأهداف كل مرحلة منها.

انطلقت الدورة صبيحة الثلاثاء 4 اكتوبر 2016 بحصة تعارف وتعريف بين المدربة والمتدربين لكسر الجليد بين المتدربين و لتسهيل التعامل على مدى 5 أيام في جو يسودوه الود والاحترام .

انطلقت الحوارات لتبسيط موضوع الدورة ولاكتشاف مدى معرفة المشاركات بأهمية إعداد ورقات السياسات العامة والهدف منها بعد امتلاك أهلية التدريب المزمع إكتسابها على مدى 5 أيام برؤيا تدريبية متطورة وحديثة وإكتساب مهارات حل المشاكل وكيفية صياغة حجج ومقاربات واضحة ومختصرة بطريقة مهنية خاصة أن التدريب يستهدف الكبار …

حقق اليوم الأول الأهداف الأولية في التدريب بمشاركة جميع الحاضرات اللاتي تأقلمنّ مع العمل الجماعي ولتحديد الغاية من الحضور تم التوافق على خمس نقاط:

_ معرفة المبادئ الأساسية في التدريب وتكوين رؤيا تدريبية متطورة.

_ كسب مهارات التدريب بالطرق الحديثة وتصميم الحصص التدريبية.

_ كسب مهارات في كيفية تحليل المشكلة وتحديد الجمهور المستهدف والحلول المحتملة.

_ كسب مهارة تصميم وصياغة الحجج الخاصة بالسياسات العامة.

_ مهارة كتابة اوراق السياسات العامة بوضوح واختصار وبلهجة مهنية.

 

حدّد هدف اليوم الثاني ب:  التزود بالمهارات الحديثة في التدريب .

بعد مراجعة تقييمية لليوم الأول والمشاركة في لعبة جماعية تحفيزية …

انقسمت المجموعة المشاركة إلى مجموعات للعمل بطريقة تشاركية محفزة وكان الموضوع المطروح حول الفروقات بين التعليم التقليدي /التلقيني وعلاقته بالنظم السلطوية ،والتعليم الحواري المعرفي والمتمركز خاصة في النظم الديمقراطية وقد بيّنت المجموعات عن طريق العصف الذهني ميزات كلاّ النظامين مع تحديد الأهداف والغاية .

وقد أجمعت كل المشاركات على أن النظام التعليمي العربي بصفة عامة بما في ذلك تونس يلغي المهارات وهو بمثابة حشو دون توظيف معرفي ورأت ضرورة تغيير الصورة النمطية للثالوث المقدس (سياسة تربوية _ وزارة _ حكومة ) في المنهج التعليمي البنكي الذي حوّل الإنسان الى مخزن للمعلومات بعقل فارغ ..والذي يهدف الى قبول الإنسان لواقعه كما هو دون طرح اسئلة تزعج السلطة .. وقد تمت هذه الإستنتاجات بالمقارنة مع نظم تعليمية حوارية تهدف لكسب مهارات جديدة وغيرت بعض السلوكيات في الإنسان وتمّ العمل على دراسة حالة حقوقية كمثال للتفكير والمقارنة …

اعتمدت المدربة رسومات بيانية دائرية أفقية وعمودية تحدد العلاقة ونقط الإنطلاق في التحليل والغاية التي تهدف للوصول اليها في آخر الحصة ليسهل الفهم بطريقة مبسطة ومحفزة…

 

في اليوم الثالث كان موضوع الحصة: تمكين المدربات من مهارات التدريب

وبذلك كان المجال مفتوحا للمشاركات لاختيار موضوع حر يرتئيّن فيه مشكلة تتطلب ورقة سياسية وتركت المدربة المجال مفتوح لاختيار طريقة التعامل مع المشكلة على أن يتم عرض العمل واستخراج النقائص بشكل جماعي بعد أن قسمت الحاضرات إلى مجموعات ورغم أن الجمعية عرضت مواضيع كان قد تّم الإتفاق على العمل عليها إلا ان الاختيارات كانت مختلفة بين ما هو مضمن في ورقة الجمعية كقانون مناهضة العنف ضد المرأة والحوكمة المحلية وفيها من رأت المجموعة أنه موضوع شاغل كالتحرش في المؤسسات التعليمية …

حددت المشاركات الخطوات الرئيسة في اعداد ورقات السياسات العامة بعد أن تّم توزيع جذاذة معدة من قبل المدربة لتحديد الخطوات بعنوان ( هيكلية ورقة سياسات عامة) ورغم أن اختيار آلية العمل في تقديم المشكل كانت مفتوحة إلا أن أغلب المجموعات عملت على شجرة المشكلات بحثا عن حلول من خلال تحديد جذور المشكل …

بعد تقديم العمل لكل المجموعات أوضحت المدربة عدة إخلالات منها الفرق بين القضية العامة والمشكل والذي لابد أن يكون واضحا بذاته حتى لا تتداخل الحلول تقريبا وتوصلت أغلب الفرق إلى تحديد المشكل والحل والعنوان وتم تلخيص المنجز بصفة تشاركية ومقارنة عمل المجموعات بعمل سابق لمجموعات أخرى وإضافة النواقص، كما قامت المشاركات بطريقة لعب الأدوار ليكون التقييم موضوعيا مع وجود فريق ”مستقل“ يقيّم الأدوار بإعطائه أعداد عن برنامجه المقترح…والذي يمكن أن يكون في الواقع إعلاما أو مجتمعا مدنيا أو حتى نواب شعب…

 

لم يحدّد عنوان واضح للحصة التدريبية لليوم الرابع .

فبعد تقديم ملخص عن عمل الأيام السابقة قسمت المدربة المشاركات لمجموعات عمل لدراسة ورقة سياسات لمعالجة ظاهرة التسرب المدرسي في مدينة القدس الشرقية لنقدها ودراستها وتقييمها منهجا ومحتوى وتركت المدربة حرية إختيار النموذج حسب ما تراه الفرق بعد عملية القراءة والتمحيص… اعتمدت المشاركات على جدولة أهم الأفكار ببناء نموذج عمل وتخطيط واضح إعتمادا على الجذاذة الموزعة من تحديد العنوان الى تحديد الغاية والهدف وصولا الى تحديد المرجع…وبعد إنتهاء التقديم إعتمدت المدربة على طريقة إضافة النواقص في كل خطة عمل مقدمة من المتدخلات بلون مخالف حتى تتضح الرؤى في كيفية إعداد ورقة سياسية وكيف يتمّ اجتناب التكرار والحشو وإختيار الأسلوب السهل في ايصال الفكرة خاصة أن الورقة المعتمدة كانت طويلة ومملة نسبيا…

 

في اختتام الدورة بعد أن إستكملت مدتها المحددة مسبقا أي في اليوم الخامس كان التطبيق الفعلي لتقييم المشاركات والعمل لبناء ورقة سياسات عامة بطريقة منهجية ودقيقة.

تركت المدربة حرية اختيار الموضوع للفرق وقامت بتوجيهات وإصلاحات مباشرة لتكون خطة العمل مصوبة ومبوبّة وتم توزيع الأدوات للعمل فكانت المواضيع كالأتي:

+ تغيير توقيت العمل للمرأة لضمان مشاركتها في المجالس البلدية.

+ عدم تشريك التلميذ في صياغة البرامج التربوية الموجهة له .

+ إدماج العنف المؤسساتي ضمن القانون المتعلق بالقضاء على العنف المسلط على المرأة .

 

بعد انتهاء الوقت المخصص تّم اختيار موضوع للعمل عليه وتقييمه كنموذج متبع وقد تم اختيار العنوان الأخير ”إدماج العنف المؤسساتي ضمن القانون المتعلق بالقضاء على العنف المسلط على المرأة ” حيث اعتمدت المشاركات في العمل على مخطط دائري لقراءة الوضع وتقديم البدائل و التركيز على معطيات مقدمة من منظمات شبه حكومية وعلى التشكيات المرفوعة لدى هيئة الحقيقة والكرامة وتضمنت الورقة توصيات كما بينت الغاية من اختيار الموضوع خاصة في ظل مشروع قانون يتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة…

وبالرغم من أن ورقة السياسات العامة يمكن أن تكون في شكل صفحات وعناوين مبوبة إلا أن المجموعة اختارت تلخيصها ضمن جدول واضح بألوان مختلفة وترابط سهمي وقد أثمنت المدربة عن العمل وأقرت انه يعتبر متكامل…

في نهاية اليوم تّم توزيع شهائد المشاركة في الدورة التكوينية على المشاركات ليكّن مدربات في إعداد الورقات السياسية بطريقة علمية وعقلانية وموضوعية دون تحيز او ذاتية.

 

الجدوى من التدريب على كتابة أوراق السياسات العامة وملخص عن نتائج الدورة:

 

إن الإعداد الجيد لأوراق السياسات العامة وكسب مهاراتها تأثر ايجابيا على صناع القرار وتثري النقاشات الجادة و تساعد على كيفية التعامل مع المشكل والحل بتقديم آليات مقنعة  ووافية وموجزة و تقديم حلول متعددة تقنع الجهة المستهدفة دون تحيز أو انفعالية وتكون بديلة عن سياسات قائمة عجزت على وجود حلول جذرية لبعض الإشكاليات.

وللوصول لإعداد ورقات السياسات العامة  يجب المرور بعدة محطات:

  • تحديد المشكل المرام حله وتعريفه بدقة و تبيان، تحديد الجهة المتدخلة ( الجمهور المستهدف )دون اللجوء إلى تغييرات في السياسات العامة جملة حتى تكون الورقة مفيدة ، وإضافة إلى تحديد منهج العمل وتوضيح جدوى التوقيت لحل المشكل ورزنامة اختيارات .
  • العصف الذهني وتبادل الأفكار ودراسة حالات مشابهة حتى تتمكن الأطراف المشاركة في إعداد منتجات مقنعة لصناع القرار وتصميم برنامج محكم بأدلة وحجج وخيارات وتوصيات وبدائل قابلة للتنفيذ.
  • التأكد من دقة الوثائق المعتمدة ومدى مصداقيتها.

ويمكن لورقة السياسات العامة أن تستهدف جمهور أوسع من صناع القرار على أن تكون ملمة بالمشكلة السياسية (صحفيين- ديبلوماسيين – منظمات غير حكومية – منظمات دولية – جمعيات فاعلة في نفس الموضوع ولها نفس الإهتمامات بالمشكلة المطروحة …( وهنا لإمكانية إدماجهم في تطوير المشروع ونشره…)، أي كلما كان الجمهور المستهدف واضح كلّما كانت الورقة فاعلية وقابلة للتنفيذ…

تعتمد ورقة السياسات العامة على نوعين من الأساليب – النوعية والكمية

_ الكمية: تعتمد على التحليل الإحصائي الدقيق وعلى الإحصائيات الوصفية والإستقصاء ..أي النمذجة الإحصائية وهو منهج علمي يعتمد على تبديل المتغيرات.

_ النوعية: تعتمد على دراسة و مراجعة الوثائق ورصد المواقع وتصبح أساسا قادرة على الإجابة عن سؤال كيفية عمل البرنامج وكيفية تأثيره بهدف فهم الأهداف الكامنة …

وكل هذا يتطلب التأكد من المصادر المستخدمة ومدى موضوعيتها و شفافيتها وجديتها وتحيزها وأن لا تكون قائمة على العاطفة… إن أهم المصادر في اعداد ورقة السياسات العامة هي التقارير الجكومية والتشريعات والتقارير الصادرة عن المؤسسات البحثية والأكاديمية أو الحكومة وكذلك مؤسسات دولية ( الأمم المتحدة – البنك الدولي…) والمجموعات التجارية والشركات….

ولتجنب التأخير في انجاز ورقة السياسات العامة و عدم إهدار الوقت في الدراسات الجانبية من الأفضل أن تتناول الورقة بديلا واحدا للنقاط الإيجابية مع الاستناد على الحقائق الواقعية والقيم الأخلاقية وأن تكون دقيقة كما يمكن إدراج عدة خيارات بديلة في بعض المشكلات…

  • وعند تقديم التوصيات في الورقة من الضروري تقييم السلبيات والإيجابيات للخيار المقترح على أن يكون واقعيا ليسهل تنفيذه ويكون محددا و يستجيب للأجوبة التالية: من تستهدف _ بماذا_ أين _ ولماذا تتخذ هذا الإجراء؟؟ مع ترتيب الأولويات حتى لا تهمّش واحدة على حساب الأخرى .

 

  • عند كتابة ورقة السياسات العامة من الضروري تحديد المشكلة بتعريف واضح لتساعد الجمهور المستهدف وغير المتخصص على فهم المشكل وتوضيح لماذا علينا التصدي أو التبني …مع تقديم تقييم للنتائج المحتملة تدعم التوصيات …

 

  • تقدم الورقة بصغة سهلة ومتماسكة وواضحة وقصيرة دون الخوض في التفاصيل مستندة على أدلة ثابتة وليس على وجهة نظر مع تعدد المصادر وتنوعها كما أنه لابد من تحديد العنوان بوضوح ويكون جذابا وملخص تنفيذي
  • تبدأ ورقة السياسات العامة بمقدمة قصيرة تساعد على فهم الموضوع وتتطرق لإشكاليات السياسة القائمة (الحالية) وتتضمن الورقة المزمع تقديمها تحليل الخيارات البديلة وحلولا ومن الأفضل تقديم حلول مقارنة اعتمدت في أماكن اخرى مع توضيح النتائج وبيانات وإحصائيات ملخصة كما تقدم توصيات متعلقة بالسياسات تتراوح بين 5 و 8 على اقصى تقدير على أن تكون قابلة للتنفيذ (أفعال مبنية للمعلوم) ..كما يمكن عرض البدائل بإيجاز ..وخاتمة موجزة تعزز الفكرة دون تقديم فكرة جديدة …
  • وفي آخر الورقة من المستحسن ان تتضمن الملاحق والمصادر لتضفي مصداقية في الطرح..

 

من أصعب مراحل إعداد ورقة السياسات العامة هي تحرير الورقة حيث لا بد أن تكون اللغة سلسة وصحيحة ومفهومة كما ان أسلوب التحرير والصياغة يسهل فهم الموضوع ويجذب المتابع وبالتالي يضمن حسن صياغة الرسالة حتى يكون المشكل المطروح في هيكل واضح ومنطقي وسهل المتابعة كما أن ترقيم الصفحات يساعد على حسن التنظيم.

الخلاصة:

إن دراسة السياسات العامة هي دراسة النظم السياسية والسياسة المقارنة التي هي في حالة حراك دائم  وترتكز على مخرجات تساعد على فهم ديناميكية النظم السياسية والقوى المؤثرة في كل المجالات ومعرفة ذلك يحقق إمكانية الإقتراب من المشاكل اليومية للمواطن ويزيد في الارتباط بالمجتمع ومشاكله.

  • العنوان نزل البلفيدير (تونس)
  • التاريخ من 4 اكتوبر الى غاية 8 اكتوبر 2016
  • المشرف جمعية تونسيات
  • الشركاء الدكتورة لينا علم الدين
  • CATEGORY