بعد التطورات التي شهدتها بلادنا جراء فيروس كورونا المستجد، وبعد التأكد من الإصابات المستوردة، وتوقيا من تفاقم الأضرار لا قدر الله تم اتخاذ الإجراءات التالية: تقرر تقديم العطلة المدرسية لتنطلق بداية من الخميس 12 مارس الجاري وذلك في كل مستويات التعليم. وقد جاء هذا القرار بالرغم من أن الوضع لا يستدعي إيقاف الدروس ولكن نظرا لانشغال الرأي العام وحرصا على سلامة التلاميذ. كما قرّرت الخطوط التونسية إلغاء رحلاتها باتجاه المدن الإيطالية ابتداء من يوم الإثنين 9 مارس، وتمّ تخصيص رحلة أسبوعية إلى روما فقط. كما تقرر في نفس الإطار إلغاء الرحلات البحرية التابعة للشركة التونسية للملاحة من وإلى الموانئ الإيطالية، وذلك بعد تفشّي انتشار فيروس كورونا في إيطاليا. وتم اختصار الرحلات بين تونس وفرنسا إلى رحلة واحدة في الأسبوع من تونس إلى مرسيليا بدل رحلتين وستكون هذه الإجراءات سارية المفعول إلى غاية يوم 4 أفريل 2020 ويمكن تعديل هذا التاريخ بحسب تتبع حالة الوضع.
هذا وسيتم عقد نقطة إعلامية يوميا إثر خروج نتائج التحاليل المخبرية ضرورة التزام المواطنين بالحجر الصحي الذاتي. هذا وعلى إثر اجتماع مجلس الأمن القومي الذي تم عقده مساء الاثنين 9 مارس بقصر قرطاج بإشراف رئيس الجمهورية قيس سعيد، أعلن وزير الصحة السيد عبد اللطيف المكي عن اتخاذ جملة من الإجراءات الجديدة توقيا من فيروس كورونا وحرصا على صحة التونسيين وسلامتهم. وقد أكد على ضرورة التزام المواطنين بالحجر الصحي الذاتي حفاظا على صحة الفرد والمجتمع، لافتا إلى أن المخل بقرار الحجر يوقع صاحبه تحت طائلة القانون. ودعا السلطات الصحية والأمنية والادارية إلى التذكير بضرورة احترام هذا القرار. وبيّن أنّه سيتم عقد اجتماع وزاري أسبوعيا وكلما اقتضى الأمر لتحيين الإجراءات بناء على ما تقدمه الوزارات من معطيات. وذكر بأن هذه القرارات تنضاف إلى قرارات أخرى تم اتخاذها سابقا وتتعلق بإلغاء التظاهرات الرياضية والثقافية والتربوية التي تجمع مشاركين من بلدان ظهر فيها فيروس كورونا، وأن تشديد الإجراءات يأتي تطبيقا لسياسة الدولة في حماية المجتمع.
مسائل ذات العلاقة بفيروس كورونا في مجلس الأمن القومي
هذا وقد تناول مجلس الأمن القومي المنعقد يوم الإثنين بإ شراف رئيس الجمهورية، جملة من المسائل ذات العلاقة بفيروس كورونا وبالتفجير الإرهابي الجبان الذي وقع بالعاصمة مؤخرا. وأشار رئيس الدولة الى أن ظهور فيروس كورونا رافقه اتخاذ إجراءات وقائية وذكّر بالتنسيق الذي تم مع الجزائر الشقيقة حين تم نقل تونسيين من يوهان إلى الجزائر ومنها إلى تونس. كما ذكر بعديد الأوبئة التي عرفتها تونس على مرّ التاريخ، مشيرا إلى أن المشكل اليوم صار عالميا نظرا لتطور وسائل النقل من بلد إلى آخر. وبيّن أنه تم منذ أسبوعين اتخاذ عدد من الإجراءات الوقائية تحسبا من العدوى مضيفا أنه سيتم اتخاذ إجراءات أخرى بالتنسيق مع مختلف الوزارات ومع عدد من الدول. وأكد أنه لا داعي للفزع في حال تشديد بعض الإجراءات حيث أن الوضع يستوجب الرفع من حالة التوقي حرصا على سلامة التونسيين.
وبدوره أشرف رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ، ظهر الإثنين بقصر الحكومة بالقصبة، على مجلس وزاري مضيّق تمّ خلاله النظر في تطور الوضع في ما يتعلق بفيروس الكورونا وأخذ الاجراءات المناسبة تسجيل إصابات جديدة بفيروس كورونا المستجدّ.
من جهته أكّد مدير عام إدارة الرعاية الصحية الأساسيّة بوزارة الصحة الدكتور شكري حمودة مساء 9 مارس خلال ندوة صحفية اِلتأمت بقصر الحكومة بالقصبة عن تسجيل 3 حالات جديدة بفيروس كورونا المستجدّ ليصبح العدد الجملي للمصابين بهذا الفيروس 5 حالات مؤكدة تتوزع كآلاتي: حالة واحدة في ولاية قفصة قادمة من إيطاليا. حالتان في ولاية المهدية إحداها قادمة من إيطاليا إضافة إلى حالة ثانية أصيبت بالعدوى وتعتبر أول حالة محلية. حالة واحدة في ولاية تونس لمقيمة من جنسية إيطالية. كذلك حالة واحدة في ولاية بنزرت قادمة من سترازبورغ.
تركيز مناطق عزل اِستشفائية
وأوضح مدير عام إدارة الرعاية الصحية الأساسيّة بوزارة الصحة أن هناك حالات مشتبه بها تخضع للتحاليل في المختبر المرجعي بمستشفى شارل نيكول بالعاصمة. وذكّر الدكتور شكري حمودة بضرورة إحترام تراتيب الحجر الصحي وأن اتخاذ الإجراءات الوقائية يكون حسب تقدم الدرجة الوبائية، كما بيّن بأنه حاليا يتم تركيز مناطق عزل اِستشفائية بالنسبة للمصابين الذين تستوجب حالتهم الإقامة بالمستشفيات إضافة إلى دعم مناطق العبور التي يشتغل بها عدد كبير من الموظفين من (صحة وديوانة وشرطة..).
كيف أمكن لأحد المصابين بفيروس كورونا الموضوع بالحجر الصحّي مغادرة البلاد؟
للإشارة فإن أحد المصابين بفيروس كورونا من ولاية بنزرت الموضوع بالحجر الصحي غادر التراب التونسي باِتّجاه سترازبورغ على متن رحلة TU 246 اِنطلقت من مطار قرطاج الدولي في حدود الساعة السابعة من مساء يوم أمس. ويشار إلى أنّ المعني بالأمر قدم يوم 28 فيفري من سترازبورغ ويبلغ من العمر 85 سنة، وقد تمّ إخضاعه للفحوصات التي أثبتت إصابته بالفيروس. وقد سادت حالة من الهلع في المطار بعد التأكد من امتطائه الطائرة المتجهة الى سترازبورغ، إذ أنّه لم يلتزم بالحجر الصحي المفروض عليه معرضا حياة المسافرين وأعوان وموظفي المطار للخطر.
سرّ عودة الطّائرة دون ركّاب
نزلت الطائرة بمطار ستراسبورغ وتمّ الاِحتفاظ بها لمدّة ساعة بعدها تمكن الركاب في هذه الرحلة من مغادرة الطائرة بعد استكمال الترتيبات وتسليم المعطيات للاِتّصال بهم عند الطلب، في حين تمّ الاِحتفاظ بشخصين أحدهما الشخص المذكور حيث تم نقلهما بواسطة سيارة إسعاف إلى مستشفى ستراسبورغ في حين اضطرت الطائرة إلى مغادرة ستراسبورغ بدون ركاب لأسباب تتعلق بالأمن الصحي. ونظرا لتطوّر الوضع، دعت القنصلية العامة التونسية في ستراسبورغ جميع المواطنين التونسيين المقيمين في منطقتها القنصلية للامتثال للتعليمات الصحية للسلطات المحلية لحماية أنفسهم من فيروس كورونا.
تأجيل عديد التّظاهرات في إطار المقاربة الوقائية
ومن تداعيّات تفشي فيروس كورونا المستجد تم الإعلان عن تأجيل عديد التظاهرات، من ذلك أنه في إطار المقاربة الوقائية من مخاطر فيروس كورونا المستجد وحرصا على سلامة المواطنين، قررت وزارة الشؤون الثقافية تأجيل تنظيم التظاهرات التالية:
– معرض تونس الدولي للكتاب
– أيام قرطاج الشعرية
– أسبوع اليوم العالمي للمسرح
– مهرجان عزالدين فنون للمسرح، حيث سيتم الإعلان عن المواعيد الجديدة لهذه التظاهرات في الإبان.على أنه يمكن إرجاء عدد آخر من التظاهرات الثقافية والفنية الدولية أو الوطنية الكبرى أو إلغاؤها وفق المستجدات.
رسائل طمأنة من خلال وسائل الإعلام أمام اِنتشار فيروس كورونا وتزايد تساؤلات المواطنين حول الوقاية من هذا الفيروس
ومع حرص التلفزة التونسية على تقديم المعلومة الصحيحة والإجابة على هذه الأسئلة بثت القناة الوطنية الأولى مساء الإثنين، مباشرة إثر أخبار الثامنة ليلا، ملفّا خاصّا حول مستجدات فيروس كورونا “الوضع الصحي والإجراءات الوقائية في تونس”، بحضور عدد من المسؤولين والخبراء والمختصين من مختلف الهياكل الصحّية. حيث تمكّن المشاهدون التفاعل من خلال طرح التساؤلات والاستفسارات عبر الصفحة الرسمية للتلفزة التونسية على الفايسبوك والاِستفادة من المعطيات الّتي تمّ تقديمها سواء في هذا الملفّ أو مختلف البرامج التي بثتها عديد وسائل الإعلام وكذلك الومضات حيث تميّز يوم أمس بكثافة إعلامية ملفتة للاِنتباه نظرا لأهمية الموضوع وحتى يمكن تقديم رسائل طمأنة للمواطنين باِعتبار حساسية الوضع.
محمّد رضا البقلوطي