بعد رحلة دامت 44 يوما قطعت خلالها 3300 كيلومتر بمفردها بواسطة دراجتها الهوائية، وصلت الرحّالة التونسية المغامرة سارة حابة، يوم الجمعة 13 ديسمبر 2019 إلى مدينة بورتسودان الواقعة شمال شرق السودان على الساحل الغربي للبحر الأحمر قبل مواصلة رحلتها بواسطة الباخرة نحو مدينة جدّة بالسعودية ومنها إلى مكّة المكرّمة.
سارة حابة، صحفية شابة (32 سنة) وهي خبيرة ومختصة في طريقة التعليم بمنهجية “مونتيسوري”، أصيلة مدينة المحرس، ومن الجيل الثالث لمواطنينا بفرنسا، كانت انطلقت يوم غرّة نوفمبر 2019 من العاصمة المصرية القاهرة، في رحلة باتجاه مكّة المكرّمة، للقيام بعمرة.
وتحدّثت سارة لـ”الشروق أون لاين” عن تفاصيل دقيقة من رحلتها التي اختارت لهم اسمCycling to Mecca ، والهدف منها، ولماذا اختارت ركوب الدراجة لآلاف الكيلومترات بمفردها قبل أن تلتقي بشقيقها في البقاع المقدّسة للقيام بعمرة؟.
مرورا بـ “قرية تونس”
وتابعت سارة لـ”الشروق أون لاين” أنّها تعشق السفر والترحال منذ الصغر، إذ زارت عشرات البلدان في القارات الخمس، مضيفة “أقمت في هذه البلدان فترات طويلة خلال دراستي الجامعية أو كمتطوّعة في المنظمات الشبابية والمجتمع المدني أو رحلات الاستكشاف، وبعد كل تلك التجارب شعرت منذ فترة بضرورة خوض تجربة جديدة في حياتي”.
وأضافت “قرّرت القيام برحلة إلى مكّة المكرّمة للقيام بعمرة عبر الطريق التي سلكها جدّي إنطلاقا من تونس لاداء مناسك الحج سنة 1962، لكن لم يكن هذا الأمر ممكنا بالنسبة إليّ بإعتبار الظروف الأمنية التي تعيشها ليبيا، لذلك قرّرت الانطلاق من العاصمة المصرية القاهرة”.
لم يكن القرار بالأمر الهيّن، تقول سارة، ليتقبله والداها القاطنان في فرنسا، لكّنها استطاعت إقناعهما لتنطلق في مغامرة مرّت خلالها بـ “قرية تونس” الواقعة على ضفاف بحيرة قارون وتبعد 60 كيلومترا عن مدينة الفيوم المصرية، وهي إحدى محطات حجيج تونس حين كانت رحلاتهم عن طريق البر.
ولأنّها انضمت إلى عدد من صفحات هوّاة ركوب الدراجات الهوائية في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، حيث نشرت بعض الصور الأولى لرحلتها، فقد حظيت سارة باستقبال من هؤلاء في مدينتي “أسيوط” و”سوهاج” المصريتين، لكن الاستقبال اللافت كان في مدينة “سواكن” السودانية، حيث قدم إليها عدد من الدراجين بعد أن قطعوا مسافات بين 120 و240 كيلومترا لإستقبالها، وأبرز هؤلاء قيدوم الدرّاجين في السودان المكنّى بـ “عمّو عبدو” ركب درّاجته مسافة 120 كيلومترا والدراج السوداني الشهير عبد الرحمان كناري (240 كلم) ليشاركا في الاستقبال
وكشفت سارة عن بعض المصاعب التي اعترضتها على مدى 3300 كيلومتر، وكانت أبرزها تعطّب السلسلة الحديدية للدراجة ما اضطرها لإصلاحها بطريقتها الخاصة، كما لقيت صعوبات كبيرة في بعض الطرق الوعرة والضيّقة التي تشهد حركية مستمرة لشاحنات نقل البضائع بين مصر والسودان.
كما تعرّضت سارة في إحدى المناطق إلى الاعتداء بالحجر من قبل بعض النسوة اللاتي طاردنها بعد أن أصابهن الهلع خوفا منها بمجرّد رؤيتها وهي ترتدي الخوذة والنظارات الشمسية الخاصة بركوب الدراجات.
واضافت سارة “هناك مواقف صعبة تعرّضت إليها، وحفاوة كبيرة لقيتها من عائلات صادفتها في رحلتي، كنت أركب الدرّاجة بالنهار وارتاح ليلا، وأحاول قدر الإمكان أن أقسّم المسافات الفاصلة بين القرى الاهلة بالسكان حتى لا اجد نفسي ليلا في المناطق الخالية من الناس، ومرّة استعمل خيمتي للنوم في محيط الاستراحات القديمة الموجودة على الطرق، وأحيانا تستقبلني إحدى العائلات”.
سارة نزلت ضيفة صباح الأحد 15 ديسمبر 2019 على قناة “البحر الأحمر” على عربسات، حيث تحدّثت عن مغامرتها، قبل أن تلتقي في وسط مدينة بوتسودان بعدد من الفتيات اللاتي جلبن معهن دراجات هوائية للقيام بجولة وسط المدينة مع “الرحّالة سارة”، كما أطلقت عليها مجموعات هوّاة الدراجات الهوائية في فيسبوك وواتساب هذه التسمية.
نشرتها جريدة الشروق